
مَعْنَى الْقَدْر
القدر لفظٌ له معنى كغيره من الألفاظ العربية، وقد ذكر أهل اللغة أكثر من معنى للفظ القدر.
الأول: تقدير الحوادث:
فقد ورد أن الله عز وجل يُقدّر حوادث الناس في ليلة القدر من سنة إلى سنة، فمن كُتِبَ له الخير في هذا التقدير كانت سنته كلها خيراً، وإن باستطاعة الإنسان أن يلعب دوراً مهماً في جَعْل سنته متوَّجَة بالخير عبر إخلاصه لله عز وجل، فبإمكانه أن يجلس في ليلة القدر ويتوجه بكل قلبه وعقله وروحه، فبإمكانه أن يجلب لنفسه النفع أو الضرر لأن الأمر رهن إشارته، فما عليه سوى أن يتوجه إلى الله بنية صادقة وقلب سليم وسوف يلمس النتيجة الجيدة بعد ذلك، فلقد ورد عن الإمام الرضا(ع) حول قوله تعالى(فيها يُفرَق كلُّ أمرٍ حكيم) قوله: ويُقدِّر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مَضَرّة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سُمّيت ليلة القدر:
الثاني: الشَرَفُ والمَنْزِلة:
فمن معاني القدر الشرف العظيم والمنزلة الرفيعة، ولا شك بأن ليلة القدر هي ليلة العظمة والبركة والشأن السامي والمنزلة العليا بما اختصها الله تعالى بالفضل والقداسة والزيادة بجميع معانيها، فعندما يصفها القرآن بأنها خير من ألف شهر وأن فيها يُفرَق كل أمر حكيم فلا يعود هناك أدنى شك في كونها احتلت المنزلة الرفيعة من بين باقي الأزمان.
ولعلّ مَردَّ هذه المنزلة لا يعود إلى الليلة فقط بل إلى المؤمنين الذين يحيونها بالأذكار والصلوات وتلاوة الكتاب فهم أصحاب منزلة عالية عند ربهم، ولا مانع من أن يكون المراد بالمنزلة نفس الليلة المباركة وأهلها الذين يتهجّدون ويتعبّدون من أجل رضا الله عنهم.
الثالث: العظمة:
ومن معاني القدر(العَظَمَة) ويمكن استفادة هذا المعنى من دون الرجوع إلى المراجع اللغوية لأن الليلة عندما تكون بمستوى ليلة القدر فلا شك بأنها غاية في العظمة، وهناك دليل قرآني على هذا المعنى، وهو قوله تعالى(وما قَدَروا الله حقَّ قَدْرِه) أي أنهم لم يعظّموه حق تعظيمه.
الرابع: الضِّيق:
إن أبرز أسباب تسمية ليلة القدر بليلة الضيق هو ضيق الأرض بكثرة الملائكة النازلة إليها بهدف مشاركة أهل الإيمان في إحيائها لأن الملائكة تستأنس بدعاء المؤمن وأعماله الصالحة، ولا شك بأن نزولهم الكثيف إلى الأرض في ليلة القدر إنما هو لكثرة كتابة الأجر والثواب لكل من يتوجه إلى ربه توجهاً خالصاً لوجهه الكريم.
الشيخ علي فقيه



